اضطراب الكرب التالي للرضح ينجم من الأحداث الرضحية (Traumatic) التي تنطوي على خطر حقيقي على شخص ما أو على المحيطين به التي قد تؤدي إلى حدوث هذا الاضطراب.

عند التعرض لأحداث ضغط رضحية يكون رد فعل المتضررين بشكل نفسي وسلوكي يُعبّر عن التأثير الفوري للحدث وكذلك عن نوع المواجهة الشخصية معه.

بشكل عام يطرأ تحسن تدريجي وتأخذ الأعراض بالتراجع والتلاشي، لكن هذه الأعراض تبقى وتستمر في بعض الحالات وعند استمرار الأعراض التالية للرضح لأكثر من شهر يتم تحديدها والتعامل معها باعتبارها حالة مزمنة.

من المهم الإشارة هنا إلى أن اضطراب الكرب التالي للرضح قد يظهر بدون مؤشرات سابقة من أعراض ضغط حادة كما ذكر، وفي بعض الأحيان غير الشائعة قد ينفجر الاضطراب حتى بعد مضي أشهر على الحادث الرضحي وعندها يسمى اضطراب الكرب التالي للرضح المتأخر.

من المهم التشديد على أن معظم الأشخاص يواجهون التجربة الرضحية بصورة فعالة ولا ينشأ لديهم مرض نفسي ، هنالك صعوبة في تحديد نسبة الأشخاص الذين ينشا لديهم اضطراب الكرب التالي للرضح وذلك نظرًا لكونه مرتبطًا بالفئات السكانية المختلفة وبنقطة الزمن التي تلي حدوث الرضح.

فمثلًا في وقت قريب من الحدث الرضحي لدى المجموعة التي تعرضت له قد يُصاب بالأعراض عدد كبير يعادل نسبة العشرات بالمائة هذه النسبة تقل مع مرور الوقت وخصوصا في الأشهر الأولى بعد الحدث، وبالرغم من ذلك تبقى مجموعة صغيرة مصابة بالاضطراب بشكل مستمر ومزمن.

من الناحية السريرية يتشكل اضطراب الكرب التالي للرضح من عدة مجموعات من الأعراض تشمل:

1. أعراض تعبر عن تجربة متكررة للرضح

تشمل هذه الأعراض أفكار أو ذكريات اجتياحية في الأحلام والكوابيس برؤى متكررة وغيرها إضافةً إلى ضائقة واضحة عند التعرض لأحداث لها علاقة بالتجربة الرضحية.

2. أعراض تعكس الامتناع عن كل ما يتعلق بالرضح

مثل: أفكار ومشاعر ذات علاقة بالرضح، وأوضاع ونشاطات تثير الذكريات الرضحية، وفيما بعد الابتعاد والانقطاع ومشاعر الاغتراب عن المحيطين، وفقدان الاهتمام، وقلة التعبير عن المشاعر وانعدام الرؤية الإيجابية للمستقبل.

3. أعراض فرط التيقظ

مثل: صعوبات النوم، وانفجارات الغضب، والتأهب المفرط، وردود الفعل الفزعة، وصعوبات ومشاكل في التركيز وفي الذاكرة.

4. أعراض أخرى

أعراض أخرى إضافية معروفة في ردة الفعل التالية للرضح هي: أعراض الاكتئاب ، و القلق ، وسوء استهلاك الكحول والمخدرات، وأوجاع جسدية ونفسية.

كما تشمل أبرز التعبيرات النفسية:

• مشاعر وعلامات ارتباك.
• انقطاع عن المحيط.
• قلق وفزع.
• حزن واكتئاب.
• علامات ضغط عاطفي وسلوكي متنوعة ومختلفة.

هذه الأعراض جميعها معروفة في إطار رد الفعل الحاد على الضغط ولاحقًا بعد مرور ساعات وأيام يمكن ظهور المزيد من الأعراض التالية للرضح، من الواضح إذا أن هذه الأعراض تُجسد محاولة للمواجهة النفسية مع التجربة الرضحية الصعبة، ولذلك من المقبول تعريفها في المرحلة المبكرة على أنها ردود فعل سليمة لوضع غير سليم.

1. أسباب اضطراب الكرب التالي للرضح

تشمل الأسباب:

• الحروب.
• العمليات الإرهابية.
• معسكرات القتل والإكراه.
• الكوارث الطبيعية.
• الحوادث القاسية.
• الأعمال العدوانية والهجومية.
• السطو.
• الاغتصاب.

على الرغم من أن هذه الأحداث تبدو، ظاهريًا وكأنها مختلفة تمام الاختلاف من حيث جوهرها إلا أن ردة الفعل النفسية على التجارب الرضحية متشابهة جدًا كما يتجلى الأمر في المتلازمة التالية للرضح.

2. عوامل خطر اضطراب الكرب التالي للرضح

هنالك عوامل خطر كثيرة ومتنوعة لنشوء وتطور اضطراب الكرب التالي للرضح، من بينها:

• اضطراب نفسي سابق.
• التعرض لرضح سابق خصوصًا إذا لم يكن التعامل معه بشكل صحيح.
• إصابة جسدية تصاحب الرضح النفسي.
• التعرض لمشاهد مرعبة.
• غياب الدعم العائلي أو الاجتماعي.
• التطور المبكر للاكتئاب في أعقاب الرضح.
• في بعض الحالات هنالك تأثير وراثي.
• نوع الجنس إذ يتُطوّر لدى النساء اضطراب الكرب التالي للرضح بشكل أكبر مما هو لدى الرجال بالرغم من عدم تعرضهن لأحداث رضحية أكثر من الرجال.

إن معظم المصابين باضطراب الكرب التالي للرضح يُشفون منه تمامًا مع مرور الوقت ومع ذلك تبقى هنالك مجموعة معينة تعاني من اضطراب الكرب التالي للرضح بشكل مستمر.

اضطراب الكرب التالي للرضح بصورته المزمنة هو مرض ينطوي على ضائقة جدية وعجز نفسي غير ضئيل، وبالإضافة إلى أن الأعراض تسبب معاناة كبيرة للمصاب نفسه فإنها قد تسبب معاناة للعائئلة أيضًا في أدائها الوظيفي سواء في العلاقة الزوجية أو الأبوية، وفضلًا عن ذلك يجد المصاب نفسه في العديد من الأحيان منعزلًا اجتماعيًا وخارج دائرة العمل.

لتشخيص المرض من المرجح أن يقوم طبيبك بإجراء فحص جسدي للتحقق من المشكلات الطبية التي قد تكون سببًا لأعراضك، قم بإجراء تقييم نفسي يتضمن مناقشة العلامات والأعراض التي تعاني منها والحدث أو الأحداث التي أدت إليها.

من المحبذ أن يكون العلاج متكاملًا وذلك لضمان معالجة مختلف الجوانب المتنوعة للاضطراب كلها، قد تخفف الأدوية المضادة للاكتئاب والقلق من المعاناة الناجمة عن الأعراض الاكتئابية التالية للرضح.

العلاج النفسي، والحركي، والمعالجة الذهنية والسلوكية أو أي علاج آخر قد يُساعد في تمكين المصاب من مواجهة التجربة الرضحية ومن التعامل مع الشرخ الرضحي الحاصل في تسلسل الحياة الطبيعية للمصاب، أحيانًا تكون هنالك حاجة إلى تدخل جماعي يشمل تدخلًا عائليًا أو سواه بالإضافة إلى التأهيل المهني.

تشمل طرق الوقاية من اضطراب ما بعد الصدمة القضاء التام على الصدمات العاطفية المرتبطة بالاغتصاب أو الجرائم العنيفة أو الحوادث الخطيرة.